المركز الإعلامي
نعمة الولد
بقلم: يوسف رزق – منسق خدمات المستفيدين.
يا حبّذا ريح الولد..
دخل عليَّ بابَ المكتب، حينها كنت منهمكًا ببعض الأوراق المرصوفة أمامي، سلم عليَّ بلغة واضحة العجمة، وبعربية ركيكة جدا لا تكاد تُفْهَم، رفعت بصري إليه، كان شابًّا أسمرَ اللون يَشِي منظرُه أنه من إحدى الدول الإفريقية، ابتسم ابتسامة مترددة خجلى.. وابتسمت.
أشار لي إلى الملف الذي بين يديه وتكلم، لم يكن يجيد من العربية شيئًا، استخدمنا جميع الطرق والوسائل حتى نفهم بعضًا، هناك شيء واحد فقط لم يكن يحتاج إلى ترجمة ولا إلى مزيدِ شرح، ذاك الحزن البادي بين عينيه، الحزن الذي كان يلخّص القصة بأكملها.
أخبرني أنه تزوج من سنوات طويلة، لكنه لم يرزق بولد، حاول العلاج لكنه لم يستطع، أخذت منه الأوراق ثم انصرف، لتجري الإجراءات حسب المعمول به في الجمعية، ولتحال الحالة إلى المستشفى ضمن برنامج علاج المحتاج.
خمسة أشهر أو تزيد قليلاً.. مرت كلمح بالبصر، رن الهاتف، كان في الطرف الآخر ذلك الشاب الإفريقي، قال لي جملة واحدة.. ركيكة وفصيحة في آن: “الحمد لله، مدام في حمل”.
كان الخبر جميلا جداّ وسعيداّ، وكانت كلماته تعكس مدى السعادة التي تغمره، بادلته التهاني ثم ودعته.
من ذات الباب الذي دخل منه قبل ما يزيد عن تسعة أشهر، دخل ذلك الشاب.. هذه المرة لم يكن يحمل في يديه أوراقًا ولا ملفًا، بل كان يحمل طفلاً رضيعًا جميلًا حديث الولادة، كانت الفرحة لا توصف، نهضت مسرعًا إليه لألقي نظرة على ما كان في وقت من الأوقات منتهى أحلام ذلك الشاب.
“إنه يشبهك” قلت له باسمًا، لكنه لم يفهمني، حاولت أن أشرح له دون جدوى.. ضحكت وضحك.
قال لي كلامًا كثيراّ فهمت بعضه وغاب عني أكثره لحاجته إلى مترجم، كان هناك شيء واحد لا يحتاج إلى ترجمة، ذلك الفرح الغامر بين عينيه الذي كان يلخّص القصة بأكملها.
راسلنا
نسعد بتواصلكم واستقبال الاستفسارات أو الشكاوي والملاحظات