المركز الإعلامي
عشر خطوات.. للتعامل مع طفلنا المعاق
بقلم: د. شاهر بن ظافر الشهري – استشاري طب الأسرة والمجتمع وأخصائي تأهيل المعاقين.
في اللحظة التي تسمع الأسرة أن أحد أطفالها سيكون مصاباً بإحدى الإعاقات، تختلف ردود الأفعال وتتباين، ما بين ردة فعل إيجابية وأخرى سلبية. ومعلوم أن ردة الفعل الأولى قد يكون لها أثر على مسار تأهيل الطفل، فقد تنفعه أو تضر به.
وقد تؤدي إلى ضياع الوقت وانعدام الفرصة، خصوصاً إذا علمنا أن التدخل المبكر له دور كبير في العملية التأهيلية. لذلك نورد هنا أهم الخطوات للأسرة في تعاملها مع طفلها الذي ابتلاه الله بنوع من أنواع الإعاقات. وقد جعلتها على عشر خطوات، ليسهل تذكرها والاستفادة منها.
الخطوة الأولى: الصبر على المصيبة والتعامل مع الواقع:
إن الله سبحانه وتعالى عندما يبتلي إنساناً بمصيبة ويصبر عليها؛ فإن الله سوف يبدله بخير منها في الدنيا والآخرة. وإصابة الأبناء من أشد المصائب التي يجدها الإنسان، وهذا يذكرنا بقول الشاعر حطان بن المعلّى:
لولا بُنيّات كزغب القطا رُددن من بعض إلى بعض
لكان لي مضطرَب واسع في الأرض ذات الطول والعرض
وإنما أولادنا بيننــا أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني عن الغمض
لكن الصبر، بالإضافة إلى ما يصحبه من أجر، فإن فيه فائدة عظيمة للطفل، وذلك يتحقق بأن يعيش الأب الواقع، وينتقل إليه من مرحلتي الصدمة والإنكار، واللتين إن طالتا فسوف تفوت على الطفل فرصاً كبيرة في العملية التأهيلية.
الخطوة الثانية: التعرف على تشخيص الإعاقة وعدم الإغراق في التجول بين العيادات بحثاً عن تغيير التشخيص:
تشخيص حالة الطفل بدقة أمر مهم في العملية التأهيلية ومعرفة مستقبل الحالة، والحرص على التشخيص الصحيح والدقيق واجب على الأسرة.
لكن بعض الأسر تستهلك وقتها في التجول بين العيادات والاستشاريين، وقد يصل بها الحال في بعض الأحيان إلى التنقل بين المدن والبلدان.
وقد يكون للأسرة بعض العذر لغياب المتخصصين في بعض الإعاقات، لكن لا يجب أن يؤدي ذلك إلى البحث عن تغيير التشخيص من أجل إنكاره. وعلى الأسرة أن تبدأ في البحث عن برامج التأهيل المناسبة، ومحاولة تقويم الإعاقة، والتعرف على نقاط القوة والضعف لدى الطفل.
الخطوة الثالثة: التعرف على الأسر التي لديها حالة مشابهة:
من واقع التجربة، فإن تعرّف الأسرة التي لديها طفل علمت حديثاً أن لديه إعاقة معينة، على عدد من الأسر التي لدى أطفالها نفس المشكلة يعد من الخطوات المهمة. وهذه بعض الفوائد التي تتحقق:
- تخفيف التأثير النفسي للمشكلة.
- اكتساب الخبرة بشكل سريع.
- التعرف على العوائق التي تقابل الأسرة وكيفية حلها.
- التعرف على الاحتياجات الخاصة بالطفل المعاق وكيفية الحصول عليها.
- تبادل الآراء السديدة حول تطوير الخدمات المقدمة للأطفال المعاقين وإيصالها لأصحاب الشأن.
الخطوة الرابعة: التدرب والتعلم على الطرق المثلى في التعامل مع الطفل المعاق حسب إعاقته:
إن الإصابة بالإعاقة حالة ملازمة للطفل في جميع مراحل حياته، وتختلف شدتها من حالة لحالة لأسباب مختلفة منها: التعامل مع الحالة، واتباع البرامج التأهيلية المناسبة.
ولذلك فإن حرص الأسرة على التعلم والقراءة والاطلاع على أحدث الأساليب في التأهيل أمر مهم في تأهيل طفلهم. لذا نحبذ أن تقتني الأسرة بعض الكتب ذات اللغة المبسطة والعملية، وأن تكون من الكتب ذات المعلومات الحديثة، ويتم اختيارها بمشاورة المختصين أو الأسر التي لديها أطفال لديهم نفس الإعاقة.
كما يجب أن تحرص الأسر على الاطلاع على مواقع الإنترنت للجهات العلمية الموثوقة التي تقدم أحدث المعلومات الموجهة للأسرة عن الإعاقة وكيفية التأهيل، وأن تحاول حضور المحاضرات وورش العمل التي تهتم بهذا الموضوع.
الخطوة الخامسة: تهيئة جميع أفراد الأسرة والأقارب للتعامل مع الطفل المعاق:
الطفل المعاق هو أحد أفراد الأسرة، ويجب أن يبقى كذلك، وأن تسعى الأسرة لأن يكون عضواً فاعلاً فيها مهما كانت إعاقته، ولذلك فلابد من تدريب جميع أفراد الأسرة على التعامل معه وإشراكهم في العملية التأهيلية.
كما لابد من توعية جميع الأقارب حول التعامل مع هذا الطفل. قد تكون هذه العملية من الصعوبة بمكان، ولكن الأسرة إذا وضعتها ضمن أهدافها فستتمكن بعون الله سبحانه وتعالى من تحقيقها.
الخطوة السادسة: دمج الطفل في جميع مناشط الحياة:
كم هو جميل عندما ترى أسرة مصطحبةً طفلها المعاق معها في أحد الأماكن، وترى أثر السعادة على وجهه، لم يمنعهم من اصطحابه معهم الخجل، أو توقع أن تقابلهم بعض المضايقات. وهذا بدوره يسهم في رفع الوعي لدى المجتمعات حول التعامل السليم مع الأشخاص المعاقين.
الخطوة السابعة: تجنب التدليل المفرط:
كما أن إهمال الطفل المعاق مرفوض ومضر بالطفل، فإن تدليله يؤدي إلى نفس الضرر. ولذلك فلابد من التعامل معه مثل التعامل مع الأطفال الأصحاء في عمره، وتعويده على أن يعيش مثلهم، وتربيته تربية سليمة معتدلة، ولا بد أن يسمع كلمة (لا) مثل ما يسمع كلمة (نعم).
الخطوة الثامنة: المساهمة في التأهيل المجتمعي:
إن الخبرة التي اكتسبتها أسرة الطفل المعاق مع الوقت هي خبرة مهمة وقوية، وهناك من هو بحاجة إليها. فالمساهمة في تقديمها للآخرين هو من باب تفريج الكرب التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يكون تقديم هذه الخبرة عن طريق محاضرة، أو دورة تدريبية، أو عن طريق الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أو الكتابة في وسائل الإعلام المقروء.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق”.. قد يقول قائل: ليس لدي القدرة على الكتابة كثيراً حول تجربتي؛ فنقول له: انقل التجربة بالطريقة التي تراها مناسبة.
الخطوة التاسعة: توثيق التجربة وإفادة الآخرين:
مما أعجبني في المجتمع الغربي عنايته بتوثيق تجاربه وإيصالها للآخرين، وقد وجدت عدداً كبيراً من الأدلة لأسر المعاقين في إعاقات مختلفة، وكان كتّابها من أصحاب التجربة والإعاقات، إما لهم أو لأبنائهم.
وكم وجدت من فائدة كبيرة من هذه المؤلفات؛ لأنها تنطلق من معاناة حقيقية وتجربة خاصة، ولذا لا بد لأولياء الأمور لدينا من الاهتمام بهذا الجانب والكتابة فيه؛ من باب الإفادة لإخوانهم المسلمين.
الخطوة العاشرة: التفقّه في أحكام الإعاقة:
يرتبط بالإعاقة عدد من الأحكام الفقهية فيما يخص العبادات والمعاملات، مما يخفف الحرج عن الأسر التي لديها طفل معاق ويعينها على تطبيق الأحكام الشرعية بصفة صحيحة. ومن أمثلة تلك الأحكام: أحكام العبادات لمن لم تكن إعاقته ذهنية، وأحكام العورات، والرخص الشرعية، وأحكام الشعوذة والسحر، والرقى الشرعية، وأحكام الميراث، وأموال السفهاء وغيرها.
تلكم بعض الخطوات الأساسية في التعامل مع طفلنا المعاق، ولعلنا نتناول مستقبلاً خطوات أخرى أكثر تفصيلاً لإعاقات مختلفة.
راسلنا
نسعد بتواصلكم واستقبال الاستفسارات أو الشكاوي والملاحظات