المركز الإعلامي
الحب الذي لم يَشِب
بقلم: يوسف رزق – منسق خدمات المستفيدين.
من قال أن الحب ينتهي أو يضمحل إذا تقادم عهده وشاخ طرفاه؟
الحب كالنبتة تبدأ ضعيفة، ولا تفتأ أن تقوى وتشتد، وتضرب جذورها في الأعماق، وكلما كبرت كلما ازدادت تماسكًا وثباتًا.
هذا ما رأيته بالفعل في هذه القصة..
كان شيخًا وقورًا جدًا.. حين يتحدث لا تكاد تسمع من صوته إلا ما يشبه الهمس، ومن كلامه تعرف أنه من الأشخاص الذين عركهم الزمن وعركوه، وعرفهم وعرفوه، وأن لديهم خلاصة من دروس الدهر ومعارفه.
لكن ما إن بدأ بالحديث معي على الهاتف عن حبيبته حتى خُيِّل إليَّ أنه فتى في مقتبل العمر، ما يزال هائمًا عاشقًا ولهًا.
حدثني عنها، وعن حبه لها، وعن تألمه لألمها، وحرصه الشديد عليها.. وحدثني أنه مستعد للذهاب إلى أبعد مدى من أجلها، كيف لا وهي رفيقة دربه وشريكة حياته، وحينما تحدث عن مرضها وما أصابها خنقته العبرة، وفاضت عيناه وبكى، كانت دموعه أكثر بلاغة وإبلاغًا لما يريد قوله.
لم تغسل دموعه شيئًا من وقاره، بل زادته وقارًا كنت أنا صامتا لا أتحدث، كمن يشاهد مشهدًا دراميًا حُشدت فيه الكثير من المشاعر.. كنت أستمع إليه بكل جوارحي، وحينما بكى خنقتني العبرة.
أخبرته أني سأرفع حالته للإدارة وسأنتظر الرد.
كانت تكاليف العملية باهظة جدًا، ولم تكن الجمعية – منذ أن دخلتها على الأقل- قد وافقت على هكذا حالة.
رن هاتفي الجوال، كان المتصل رئيس مجلس الإدارة، سألني عن الحالة وعن الرجل، فأخبرته، قال لي: اقبلوا الحالة.
كان فرحي بقبول الحالة شديدًا للغاية، اتصلت على الرجل مباشرة، أخبرته أنه تمت الموافقة على عملية زوجته، صمت الرجل برهة، حتى ظننت ألَا أحد في الطرف الآخر من المكالمة، كنت متيقنًا أن الرجل يبكي فرحًا، وحينما تكلم كان صوته متحشرجًا.. مليئًا بالفرح المشوب بالدموع.. ولم يزل يردد: الحمد لله، الحمد لله.. حتى أنهينا الاتصال.
إن كان للرحمة من أثر يُذكر أو نجاح يُشكر.. فهو جبر خواطر المحتاجين وتفريج كُرب المهمومين، والفضل في ذلك – بعد المولى عز وجل – لدعم الشركاء وإسهامات المحسنين.
راسلنا
نسعد بتواصلكم واستقبال الاستفسارات أو الشكاوي والملاحظات